اخبار ومقالات

مسارات الدولة المدنية والتحديات السياسية والقانونية بعد الإنتخابات



ندوة منتدى الأمل الثقافي:

 مسارات الدولة المدنية والتحديات السياسية والقانونية بعد الإنتخابات

ميساء الهلالي / عراقيات

في خضم الصراع الذي تعيشه القوى السياسية على خلفية الإنتخابات الأخيرة وما أفرزته من تشكيك بنتائج الإنتخابات، وفوز كتل سياسية بنسب كبيرة مفاجأة، فضلاً عن التحالفات الغريبة بين جهات لم يتوقع الشارع العراقي أن تتحالف، عقد منتدى الأمل الثقافي في جمعية الأمل العراقية جلسة نقاشية تناولت مسارات الدولة المدنية إلى أين تسير في ظل التحديات السياسية والقانونية بعد الإنتخابات، لتسليط الضوء على أهم مخرجات الإنتخابات والمواقف القانونية وما ستؤول إليه العملية السياسية.

في بداية الجلسة تحدث رائد فهمي سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي وضيف الجلسة الفائز عن تحالف سائرون عما يحدث الآن على الساحة السياسية وهو ما أطلق عليه تسمية الطائفية السياسية، معتبرا أن الخطأ الرئيسي بدأ بعد المحاصصة وإئتلاف كتل على حساب كتل اخرى منذ الإنتخابات الأولى، تجسدت بتكوين الطائفية السياسية التي آلت بالعملية السياسية إلى هذا المصير المشوش.

وتابع، “هذه النتائج كان يجب أن تعالج بتشكيل دولة توافقية تحتوي على العديد من المكونات، ولكن الدستور تم تأويله وتفسيره عبر تفاهمات سياسية لكتل متشكلة ضمن إطار طائفي، وهذا النهج غير قادر على حل الأزمات بل أصبح منتجاً للأزمات. واذا لم نسارع الى حل الموضوع من خلال مؤتمر وطني ستصل الازمات الى حد انعدام القدرة على حلها. وخير مثال على ذلك ان تنظيم داعش الارهابي لم يتمكن من احتلال بعض المحافظات العراقية بقوته الذاتية، بل تدخلت موضوعة الخيانات والطائفية فيه”.

مبينا، “بعد جملة الإحباطات السياسية من الكتل الطائفية تشكلت كتلة سائرون، التي إعتبرت مثالاً مفاجئاً للجميع، لأنها قلبت موازين القوى باعتبارها تكونت من خليط لا يمكن أن يتجانس بين تيار ديني له جذوره العميقة والحزب الشيوعي بتوجهاته المدنية، وتم الاتفاق على  شعار من أجل دولة مدنية وعدالة اجتماعية، وذلك للتخلص من دولة المكونات وتحقيق دولة المواطنة. نحن لم نلتقي مع التيار الصدري عشية الانتخابات، بل كان هناك عمل مسبق خلال السنتين الماضيتين، بدأ في التظاهرات الاحتجاجية في ساحة التحرير وشارك فيها جمهور من الطرفين وتبلورت فيها مطالب وطنية مشتركة: الاصلاح والخدمات والعدالة الاجتماعية، وكلها تمثل مطالب مشروعة للمواطنين”.

ونوه فهمي إلى ان تحالف سائرون فتح أبوابه للكتل الأخرى، وكانت الإستجابة أولا من قبل تيار الحكمة، ومن ثم تحالف الفتح، ولكن هذه التحالفات يجب أن لا تصطدم بواقع الإخلال بأهداف تحالف سائرون القائمة على خدمة المواطن أولا والتغيير الجذري”.

من ناحيته شرح الباحث القانوني هادي عزيز علي، الضيف الاخر في الجلسة الجانب القانوني للانتخابات وما اعقبها من احداث قائلاً: ” ابتداء ان التشريعات المتعلقة بالانتخابات كالقانون رقم 45 لسنة 2013 وقانون المفوضية المستقلة العليا للانتخابات وتعيين اعضاء المفوضية  شرعت ووضعت من قبل ذات الأشخاص أصحاب ضجة الاحتجاج وتلك هي بضاعتهم، فان تلك التشريعات – على ما فيها –  رسمت للمتضرر من نتائج الانتخابات الطريق الواجب اتباعه قانوناً – وهو الشكوى المقدمة الى مجلس المفوضين، فان لم يُستجاب للشكوى تلك، يطعن بقرارها امام الهيئة التمييزية المشكلة في محكمة التمييز الاتحادية “.

واستطرد: ” اذا كانت التشريعات سلبية او حتى غير عادلة فهي واجبة الطاعة لدخولها ضمن مبدأ المشروعية، لايجوز اختراقها أو اهدارها لأن ذلك يُعد تحدياً لأحكام المشروعية وسيادة القانون، ويعني الهبوط بالمجتمع الى مستوى أحكام العشيرة وفتوى رجل الدين، أي الى مرحلة ما قبل الدولة. أما التعامل مع التشريع السلبي أو غير العادل فيتم بطريق قانوني وحضاري عن طريق الطلبات الجماهيرية او سواها لتعديل ذلك التشريع أو حتى الغائه”.

“…هذا من جهة، اما من جهة اخرى، ولكي يعد القانون قانوناً ملزماً للكافة فيجب نشره في جريدة الوقائع العراقية، لان قانون الوقائع العراقية اعتبر القانون المنشور فيها هو النص الرسمي المعوّل عليه، وان القانون الذي اصدره مجلس النواب والمصادق عليه من قبله الذي سمعناه عن طريق الاعلام، هو غير القانون الذي اعتمدته المحكمة الاتحادية العليا، لا بعدد مواده ولا بذات مضامينه،  ومن هنا جاءت الخشية باعتماد غير النص الرسمي.

اما بشأن قرار المحكمة الاتحادية العليا، فقد بين الباحث ان انتداب القضاة الى العمل في دوائر رسمية خارج نطاق السلطة القضائية فهو يتقاطع مع احكام المادة 49 من قانون التنظيم القضائي، التي لا تجوز انتداب القضاة الى الدوائر الرسمية، فضلاً عن ان المادة 98 من الدستور حظرت على القاضي الجمع بين الوظيفة القضائية والوظيفتين التشريعية والتنفيذية، واذا قبلنا بكل ذلك جدلا فكيف يمكن التعامل مع المادة 102 من الدستور التي جعلت المفوضية تخضع لرقابة مجلس النواب، في حين ان المادة 88 من الدستور تنص على ان القضاة مستقلون، لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.

بعد هذا الإستعراض الوافي من خلال ضيفي الجلسة، طرح الحاضرون العديد من الأسئلة المهمة التي أجاب عليها الضيوف، تنوعت بين تدخلات جهات خارجية وما تحقق هو إستجابة لضغوط إيران الذي أجاب عنه الضيف رائد فهمي أن القرار عراقي رغم وجود مؤثرات، واللقاء مع سائرون والفتح كان مفاجئا ولكنه لم يتقاطع مع أهداف سائرون الأساسية، بل إتحد مع برنامج الفتح كوجهة عامة مشتركة تتمثل في برنامج الإصلاح، ويجب أن ينظر الجميع للأمور بشموليتها لا النظر من زاوية واحدة، ونحن نتصدر اليوم لعملية تغيير واقع وازاحة قوى كانت السبب في دمار كبير لحق بالدولة خلال الفترة الماضية.

وعن الأسئلة الموجهة اليه اثناء المناقشات التي اعتمدتها الندوة حول قرار المحكمة الاتحادية العليا أجاب السيد هادي عزيز: “ان قرار المحكمة الاتحادية هذا  يُعد سابقة قانونية، والخشية ان يلجأ اليها مستقبلا كل من يخسر في الانتخابات ويعمل على تعطيل العملية السياسية”.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى