ندوة حول(حقوق المراءة العراقية في ظل الدساتير العراقية والواقع)
قام مركز الامل للارشاد الاسري \الناصرية بتاريخ 13 ابريل 2014 بندوة حول حقوق المرأة العراقية في ظل الدساتير العراقية والواقع في مركز التدريب المهني التابع لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية , بحضور 21 متدربة.
من اهم اهداف الندوة هي نشر ثقافة حقوق الانسان بشكل عام وحقوق المرأة بشكل خاص, والنهوض بواقع المرأة العراقية بالأخص في ظل الواقع الذي نعيشه عن طريق التركيز على حقوقها الدستورية والقانونية في ظل الدساتير المتعاقبة خلال تاريخ الدولة العراقية والى الان, بالإضافة الى استهداف فئة الشباب/ات لدورهم الحقيقي والمؤثر في المجتمع وهم الركيزة الاساسية التي يجب العمل عليها لبناء مجتمع فاعل ومثقف قانونيا على الاقل.
في بداية الندوة تم التطرق الى اللمحات التاريخية لحقوق المرأة حيث اختلفت نظرة الشعوب إلى المرأة عبر التاريخ, ففي المجتمعات البدائية الأولى كانت غالبيتها “أمومية”، وللمرأة السلطة العليا. ومع تقدم المجتمعات وخصوصا الأولى ظهرت في حوض الرافدين، مثل شريعة اورنامو التي شرعت ضد الاغتصاب وحق الزوجة بالوراثة من زوجها. شريعة اشنونا أضافت إلى حقوق المرأة حق الحماية ضد الزوجة الثانية. وشريعة لبت عشتار حافظت على حقوق المرأة المريضة والعاجزة. وفي الألفية الثانية قبل الميلاد عرفت بقوانين حمورابي التي احتوت على 22 نصا من أصل 282 تتعلق بالمرأة.
كذلك كان للمرأة دور مهم قبل الاسلام كانت تشارك في الحياة الاجتماعية والثقافية على الرغم من وجود ظاهرة واد البنات بسبب الفقر
وبالنسبة لدور المراءة في الاسلام لا يقتصر دور المرأة على كونها امتدادا للرجل أما واقع الحال أن المرأة كانت لها أدوارها المؤثرة في صناعة التاريخ الإسلامي بمنأى عن الرجل.
وأما في العصر الحديث فإن وضع المرأة في كل بلد تابع لسياسة البلد أكثر من تبعيته لدين هذا البلد نفسه بفارق كبير.
ففي البلدان الديمقراطية الغربية نجد المرأة قد حصلت على حرية تامة في كل مجالات الحياة، ففي الطفولة تتضمن الأنظمة العلمانية الديمقراطية معاملة متساوية بين البنت والصبي وتمنع التمييز على أساس الجنس، كما تقدم لهم الإمكانيات للتطور المتناسق والمنسجم. ومن عمر الثامنة عشر يحق للمرأة الانفصال عن اهلها، تماما مثل الشاب، ويعتبرها القانون فردآ حرآ وبالغآ. ويحق للمرأة العمل لإعالة نفسها وعائلتها، كما يحق لها الحصول على دعم المجتمع وحمايته الاجتماعية. وتحصل على كل المؤهلات من دراسة وتطوير للوصول إلى نفس مستويات الإبداع عند الرجل. وبالرغم من ذلك فما زالت هناك إحصائيات مثيرة عن العنف ضد المرأة في الغرب ففي فرنسا تموت أكثر من 3 نساء شهرياً نتيجة لهذا العنف.
حقوق المرأة في الدساتير العراقية المتعاقبة (1925–2005)
يتطلب عند قراءتنا في الدساتير العراقية المتعاقبة اعتماد مرجعية حقوق الإنسان في عالميتها وشموليتها ، سواء ما تعلق منها بالمواثيق الدولية لحقوق الإنسان عامة كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو العهدين الدوليين الخاصين بالحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، أو المواثيق الدولية الخاصة بالمرأة وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، التي تنص على المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل وعلى القضاء على كل تمييز ضد المرأة .
وبما أن الدستور يعتبر هو أسمى قانون للدولة فمن المفروض أن ينص ويضمن حقوق الإنسان لجميع المواطنين دون تمييز، وأن ينص على تلك المساواة في تلك الحقوق بين الرجال والنساء، ويضمن بشكل خاص للمرأة حقوق الأسرة والأمومة والطفولة وحمايتها كما هو منصوص عليه في العهدين الدوليين للحقوق الخمسة والتي هي ضمان مساواة الذكور والإناث في التمتع بالحقوق المنصوص عليها وكذلك الحق في حماية الأسرة والأمومة والطفولة … فهل الدساتير العراقية المتعاقبة نصت على تلك الحقوق وعلى المساواة فيها بين الرجل والمرأة ؟ هذا ما سنعالجه في هذا المبحث ولو بالإشارة إلى الفقرات والمواد قراءتنا لدستور العراق لعام 1925م الذي يسمى (القانون العراقي الأساسي لعام 1925) نتفاجأ بعدم وجود كلمة (امرأة) في القانون المذكور، إلا إننا فد نتلمس بعضاً من الحقوق البسيطة التي جاءت خجلة في الدستور المذكور اد الواردة في الدساتير العراقية التي تعاقبت والحكومات المتعاقبة وجاء في المادة الثانية عشرة : ” للعراقيين حرية إبداء الرأي والنشر والاجتماع وتأليف الجمعيات والانضمام إليها ضمن حدود القانون “. كان ذلك حقاً في التعبير عن الرأي مستوعبا حقوق النساء والرجال على حد سواء أمام القضاء جاءت المادة الثامنة عشرة من نفس الدستور لتنص على : ” العراقيون متساوون في التمتع بحقوقهم، وأداء واجباتهم، ويعهد إليهم وحدهم بوظائف الحكومة بدون تمييز، كل حسب اقتداره وأهليته، ولا يستخدم في وظائف الحكومة غير العراقيين إلا في الأحوال الاستثنائية التي تعين بقانون خاص ويستثنى من ذلك الأجانب الذي يجب أو يجوز استخدامهم بموجب المعاهدات والمقاولات “او ان فيه المرأة والرجل . وفي التعديل الثالث للقانون الأساسي العراقي لعام 1925، 1958 / 5 / 10، أشارت مادة مؤقتة في فقرتها الثانية إلى النص الآتي : ” يجوز تعديل القانون الأساسي خلال سنة من تاريخ تنفيذ هذا القانون، بما في ذلك منح المرأة المتعلمة الحقوق السياسية
دستور 1958
وخلال البحث بين السطور نجد في مقدمته إشارة خجولة خلت من كلمة المرأة وإن دلت في مدلولها على المرأة والرجل وجاء في مقدمته الآتي ” : تهدف إلى إيجاد الاستقرار والطمأنينة وتهيئة الفرص الكافية لمختلف أبناء الشعب دون تمييز بسبب الجنس أو الأصل أو الدين … الخ “.
وجاءت المادة الخامسة من الدستور نفسه لتبين مكانة الأسرة قانونياً حيث جاء في نصها : ” الأسرة أساس المجتمع ، قوامها الدين والأخلاق والوطنية”.
ومنح الدستور نفسه حق العمل للمرأة والرجل على أساس تكافؤ الفرص حيث جاء في المادة السادسة ما هو نصه : ” نضمن الدولة تكافؤ الفرص لجميع العراقيين “.
ومن حقوق المرأة أيضاً حماية الأمومة والطفولة ودعم القانون للأسرة ونصت المادة الخامسة عشرة على : ” تكفل الدولة وفقاً للقانون دعم الأسرة وحماية الأمومة والطفولة
” ولدى قراءتنا المتأنية في دستور عام 2005 للحقوق والواجبات الواردة في مواده وفقراته نجد هناك إشارات واضحة إلى حقوق المرأة المشتركة مع الرجل تارة وحقوق المرأة ككيان مستقل تارة أخرى وهذا ما نلاحظه في نص المادة الرابعة عشرة والتي جاء فيها: ” العراقيون متساوون أمام القانون دون تميز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي “. منحت هذه المادة حقاً للمرأة في المساواة أمام القضاء وتبعتها المادة الخامسة عشرة التي منحت للمرأة حق الأمن والحرية وجاء في نصها : ” لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها إلا وفقاً للقانون وبناءً على قرار صادر عن جهة قضائية مختصة”.
ولم يغفل الدستور الجديد عن حق العمل للمرأة والرجل حيث نصت المادة السادسة عشرة على ذلك باعتباره حقاً للمواطنين على الدولة حيث جاء فيها : ” تكافؤ الفرص حق مكفول لجميع العراقيين، وتكفل الدولة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك ” .
ولما كانت الحرية الشخصية حقاً من الحقوق التي تطبقها بلدان العالم المتحضر لم يتردد الدستور الجديد في تثبيت ذلك الحق في مواده حيث جاء في الفقرة (أولاً) من المادة السابعة عشرة ما نصه : ” لكل فرد الحق في الخصوصية الشخصية بما لا يتنافى مع حقوق الآخرين والآداب العامة “. حيث كان ذلك الحق مشتركاً بين النساء والرجال سوية .
أدرك المشرعون العراقيون مكانة المرأة السياسية من خلال قراءتهم لتاريخ المرأة ونضالها وما هو الدور الفاعل الذي يمكن أن تقوم به فنجد في الدستور الجديد إشارة واضحة إلى حق المرأة في المشاركة السياسية حيث جاء في المادة العشرين نصه : ” للمواطنين (رجالاً ونساءً) حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح “.
وعن مكانة الأسرة والأمومة والطفولة نجد في المادة التاسعة والعشرون الفقرة أولاً(أ): ” الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمتها الدينية والأخلاقية والوطنية “.
وتلتها الفقرة(ب) من نفس المادة والفقرة لتعطي للمرأة حقها في الأمن حيث جاء في نص الفقرة ( ب ـ أولاً) الآتي : ” تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة والشيخوخة، وترعى النشىء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم “
ومن حقوق المرأة على الأولاد الاحترام والرعاية حيث منح الدستور العراقي الجديد لعام 2005 ذلك الحق للمرأة والرجل سواء، حيث جاء في نص الفقرة ثانياً من المادة التاسعة والعشرون ما يأتي : ” للأولاد حق على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على أولادهم في الاحترام والرعاية، ولا سيما في حالات العوز والعجز والشيخوخة “.
ومن حقوق المرأة حقها في الضمان الاجتماعي، نصت المادة الثلاثون الفقرة أولاً على ذلك الحق حيث جاء : ” تكفل الدولة للفرد وللأسرة وبخاصة الطفل والمرأة الضمان الاجتماعي والصحي، والمقومات الأساسية للعيش في حياة كريمة، تؤمن لهم الدخل المناسب، والسكن الملائم “.
من حقوق المرأة أيضاً الحياة الكريمة، ولغرض توفير ذلك الحق للمرأة نصت المادة الخامسة والثلاثون الفقرة (ثالثاً) على : “يحرم العمل القسري”السخرة” والعبودية وتجارة العبيد “الرقيق” ويحرم الاتجار بالنساء والأطفال والاتجار بالجنس” .
وجاء في المادة الثامنة والأربعين الفقرة رابعاً حق المرأة في التمثيل السياسي داخل البرلمان حيث كان نصه : “يستهدف قانون الانتخابات تحقيق نسبة تمثيل للنساء لا تقل عن الربع من أعضاء مجلس النواب”.
أشرنا في كل ما ذكر إلى أهم الحقوق التي وردت في دساتير العراق لطيلة ثمانون عام منذ بداية تأسيس الدولة العراقية 1920 م ـ ولغاية عام 2005 م ، ابتعاداً عن النصوص القانونية (الفرعية) التي تشرح مواد الدستور لكون المواد القانونية قد تدخل !ضمن دراسات فقه القانون والتي قد تجرنا إلى مواضيع بعيدة عن موضوع بحثنا الحالي وفي تقرير صدر حديثا لمنظمة الامم المتحدة ذكر بان هناك مئة مليون امرأة مفقودة فــي قارة اّسيا وحدها بسبب الاستعباد والجنس والتصفية الجسدية دفاعا عن الشرف أو نتيجة عادة (وأد البنات)!!!.واضاف التقرير المذكور ان حصة النساء من الاموال المنقولة وغير المنقولة في جميع انحاء العالم تبلغ 1% فقط.
أما عن حقوق المرأة العراقية فلقد نص الدستور العراقي الدائم الجديد لعام 2004 على حق المرأة بالتصويت والترشيح في مجلس النواب على ان تمثل بنسبة25% من مجموع اعضـــاء المجلس البالغ عددهم حاليا325 عضوا وكان هذا النص بمثابة الخطوة الاولــــــــى للاعتراف بأهمية المرأة في المجتمع ومساواتها ولو نسبيا بأخيها الرجل لكونها تمثل أكثر مـــــــن نصف المجتمع العراقي الجديد. العراق وقع على عدة اتفاقيات بشأن حقوق المرأة ومنها اتفاقية أزاله كافة أشكال التمييز العنصري المصادق عليها بالقانون رقم (94) للسنه 1975 واتفاقية الغاء جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي وقع عليها وصادق بالقانون رقم (66) لسنه 1986
ولكن من خلال قراءة الواقع التي تعيشه النساء اليوم نلاحظ اغلب حقوقها مغصوبه اذا لم نقل اجمعها بحكم المفهوم الخاطئ لدور المراءة وكيانها وبحكم العادات والتقاليد البالية والموروث المغلوط لحق المرأة في الحياة
لاحظنا خلال النقاش مع الفئة المستهدفة هناك مفاهيم قانونية مغلوطة وهناك تأثير واضح للعادات والتقاليد على تفكيرهن حيث ان اغلبهن يعتبرن دخول المراءة للمحاكم غلط وعيب لكي تطالب بحقوقها الشرعية والقانونية وايضا يعتبرن دور المراءة ممكن ان يقتصر على الاسرة والاولاد في حال اذا تنافى مع عدم رغبة الزوج او الاب او الاخ بالعمل
في نهاية الندوة تم التركيز خلال الندوة على اهم الحقوق القانونية المتعلقة بتلك المفاهيم أعلاه بان للمرأة الحق بالمطالبة بحقوقها وهذا حق دستوري لا يمكن تجاهله او الوقوف ضده , ولها الحق بالعمل وهذا ما تطرق له اعلاه خلال مناقشتنا للدساتير العراقية.
وقد تم توضيح موقف منظمات المجتمع المدني ودورها في ارساء مبادئ حقوق الانسان وحقوق المرأة والدور الذي يجب ان تلعبه بمساعدة الجهات التنفيذية المعنية ,ولا ننسى دور الشباب في تغيير بعض المفاهيم حول حقوق المرأة في ظل الواقع العراقي خصوصآ.