لمناقشة قضايا المرأة وحقوق الإنسان والأقليات .. هناء أدور في ضيافة دار الكتب والوثائق
أسماء محمد مصطفى
ـ المرأة طاقة إنتاجية عالية ومواطنة كاملة الأهلية ، وعلى هذا الأساس يجب أن تتعامل سياسة الدولة معها
ـ لجنة تقصٍي دولية ستحضر الى العراق لبحث أوضاع النساء والأطفال لدى داعش
ـ المرأة في العمل السياسي تهدف الى حفظ الأمن والسلام
ـ الكوتا خطوة أولى لردم الفجوة بين الجنسين في إدارة شؤون البلد وصناعة القرار
ـ خارطة الإصلاح السياسي تولي النساء والشباب أهمية كبيرة ، والجيل الجديد غير ملوث بالفساد
***
استضافت دار الكتب والوثائق الوطنية الناشطة المعروفة هناء أدور عضو مجلس الأمناء في جمعية الأمل وممثلة منظمات المجتمع المدني ، صباح يوم الاثنين الفائت ، السابع عشر من تشرين الثاني الجاري ، في جلسة حوارية تناولت حقوق الإنسان والمرأة ودور منظمات المجتمع المدني في تعزيزها لاسيما في ظل التحديات التي يشهدها العراق .
الجلسة نظمتها لجنة حقوق الإنسان في وزارة الثقافة ، والتي يرأسها الدكتور سعد بشير اسكندر مدير عام دار الكتب والوثائق ، ويشرف عليها وكيل وزارة الثقافة السيد فوزي الأتروشي .
نصيرة المرأة وحقوق الإنسان
بدأت الجلسة بتسليط الضوء على مسيرة الناشطة أدور الحافلة بالنضال وتكريس طاقاتها لخدمة حقوق الإنسان والمرأة العراقية ، مما جعل المنظمة العالمية لحقوق الإنسان تعتمدها خبيرة ، كما حازت أدور على جائزة مكتب السلام العالمي شون ماكبرايد عام 2011 ، ونالت لقب ” المرأة العربية الأولى” لعام 2013 عن جهودها المدنية للمرأة العراقية .
تضمنت الجلسة كلمة فوزي الأتروشي التي أثنى فيها على جهود أدور حيث أنها ناشطة تنتمي الى حزب عريق هو الحزب الشيوعي وحقوقية ونصيرة للمرأة وحقوق الإنسان وهي أكبر من كل الوظائف والمناصب التي تقلدتها على مدى مسيرتها الطويلة ، مؤكدا على أهمية وجود منظمات المجتمع المدني في البلد للارتقاء الى مصاف الدول المتقدمة .
المرأة مواطنة كاملة الأهلية
وتطرقت الناشطة أدور في حديثها الى دور منظمات المجتمع المدني النسوية وغير النسوية بصفتها ممثلة لها في العراق قائلة إن شعارها بناء الإنسان قبل الحجر ، إذ لايمكن ضمان حقوق الإنسان وبناء دولة مدنية وإحداث تغييرات اجتماعية واقتصادية من غير بناء الإنسان ، مشيرة الى أن المواطن العراقي عاش في عهود سحقت هويته وكرامته وحقوقه لهذا تتمسك منظمات المجتمع المدني بحقوق الإنسان في العراق وتعمل على نشر ثقافة احترام تلك الحقوق .
وأكدت أدور أن المرأة تشكل طاقة إنتاجية وهي مواطنة كاملة الأهلية وفاعلة ورائدة في مجالات الحياة والعمل المختلفة ، وعلى هذا الأساس يجب أن تكون سياسة الدولة في التعامل مع المرأة ولكن من المؤسف أن مجتمعنا يتعامل مع المرأة على أنها تابع للرجل ، مشيرة الى أن المرأة العراقية وصلت ومنذ أربعينيات القرن الفائت الى مواقع قيادية وكانت مناضلة دخلت السجون وكذلك رائدة ووزيرة للمرة الأولى في العراق وقصدت بذلك الدكتورة الراحلة نزيهة الدليمي .
الكوتا
وأشارت أدور أيضا الى أن منظمات المجتمع المدني وبضمنها جمعية الأمل طالبت بالكوتا كخطوة أولى من أجل ردم الفجوة بين الجنسين في إدارة شؤون البلد وصناعة القرار ، الدستور يؤكد على إدارة البلد من كلا الجنسين ، مؤكدة على أن نظرة المرأة الى السياسة تتمثل بتحقيق الأمن والسلام للبلد .
وتطرقت أدور الى إجراء منظمات المجتمع المدني لقاءات مع قيادات سياسية لتكون المرأة حاضرة في المفاوضات ولتتسنم إحدى الرئاسات الثلاث .
خارطة طريق للإصلاح
وقالت أدور أن المنظمات وضعت خارطة طريق الإصلاح السياسي ، تضمنت بناء الثقة بين القوى السياسية ، وتحقيق العدالة الانتقالية ، والعمل بمبدأ أمن المواطن قبل أمن المسؤولين والسياسيين ، وضمان الحقوق والحريات ومنها حرية التعبير وحرية الصحافة وحرية التظاهر ، وسيادة القانون ، والإهتمام بقضية النازحين وماتعرضوا له من هدر للحقوق ، وكذلك بالأقليات وماتعرضت له من تهجير قبل داعش بسبب الطائفية ، وإيلاء النساء والشباب أهمية لاسيما أن الجيل الجديد غير ملوث بالفساد ولايمكن الاستهانة بطاقاته في إدارة البلد وصنع القرار .
حماية للمرأة والطفل
وتناولت أدور في حديثها رسالة رفعتها منظمات المجتمع المدني الى مجلس حقوق الإنسان ، عنونت بـ : نداء شبكة النساء العراقيات الى الأمم المتحدة ، طالبت فيها بتشكيل لجنة تقصٍ دولية لوضع النساء والأطفال لدى داعش وحماية النازحات وتوفير رعاية صحية لهن ولعوائلهن ، معلنة أن لجنة تقصٍي دولية ستحضر الى العراق للبحث في هذا الموضوع ، في ضوء نداء الشبكة . الى جانب أن أدور أكدت على أن منظمات المجتمع المدني تسعى الآن الى أن يصدر قانون وفقا للدستور يضمن حماية الأقليات والتنوع الثقافي والاجتماعي في العراق .
محاربة التمييز
ومن نشاطات المنظمات وكما قالت أدور ، العمل مدة سنتين للتحقق من مدى تطبيق إتفاقية محاربة كل أشكال التمييز ، فضلا عن إصدار كتب تتناول قضايا مهمة عملت عليها المنظمات ، وإقامة مؤتمر النساء صانعات للسلام ، والذي اشترك به رجال أيضا لأن التغيير ـ كما قالت أدور ـ لايتحقق الإّ بعمل النساء والرجال معا في هذا المجال .
وبينت أن مهمة المنظمات التغيير وليس العمل الخيري الذي يعد جزءًا بسيطا من عملها ، وعلى هذا الأساس تعمل تلك المنظمات على موضوع ميثاق شراكة مع الحكومة والبرلمان في ميدان السياسة ذلك أن التغيير لن يحصل من غير العمل المشترك .
دار الكتب .. الثقافة وحقوق الإنسان
وتضمنت الجلسة كلمة للدكتور سعد بشير أسكندر مدير عام دار الكتب والوثائق الوطنية ورئيس لجنة حقوق الإنسان في وزارة الثقافة ، أشار فيها الى إن منهاج الدار ، فضلا عن دورها المعروف في مجال توفير الخدمات المكتبية والأرشيفية ، يتضمن إقامة ندوات وحلقات في مجال حقوق الإنسان وحماية حقوق الأقليات وثقافاتها لاسيما أن أول مسلة للحقوق وجدت في العراق ، الى جانب إن مفهوم حقوق الإنسان هو مفهوم ديمقراطي وليس دينيا او قوميا ، مضيفا الى حديثه أن الأديان تؤكد على حقوق الإنسان ، بينما نجد أن حقوق الطفل مثلا منتهكة في العراق ، ومؤكدا على أن دار الكتب والوثائق تراعي حقوق المرأة وإن معظم رؤساء أقسامها وشُعبها من النساء ، مبيناً أن العملية الديمقراطية تبدأ من الأسفل الى الأعلى ، وليس العكس .
أسئلة وإجابات حول قضايا المرأة
تضمنت الندوة طرح أسئلة وجهها عدد من الصحفيين الى الناشطة هناء أدور ، تمحورت حول قانون الأحوال الشخصية الجعفري الذي يتضمن من بين بنوده زواج القاصرات ملغيا المكاسب التي تحققت للمرأة من خلال قانون الأحوال الشخصية العراقي لسنة 1959 ، وأوضحت أدور أن منظمات المجتمع المدني وقفت ضد قانون الأحوال الشخصية الجعفري لطائفيته ولمخالفته الدستور العراقي ولبنوده التي تهين المرأة وكرامتها حتى أن رموزا دينية رفضت مشروع القانون لاسيما أنه يخالف المذهب الجعفري ، وقد طالبت المنظمات بسحب قانون الأحوال الجعفري وإلغاء المادة 41 من الدستور ، نظرا لتكريسهما التمييز ضد المرأة . وقد أعلنت وزيرة الدولة لشؤون المرأة أمام لجنة سيداو أن مشروع قانون الأحوال الشخصية الجعفري قد أوقف.
وعن سؤال إن كان لمنظمات المجتمع المدني الحق في زيارة السجينات والإطلاع على أحوالهن ؟ أجابت أدور أن من الصعب جدا أن يسمح للمنظمات بزيارة السجون ، ومع ذلك استطاعت إحدى المنظمات زيارة أحد السجون وخرجت بتقرير يشير الى وجود تعذيب وانتهاكات بحق السجينات ، وقالت أدور إن المنظمات تطمح بالسماح لها بزيارة السجينات والمعتقلات لغرض الإصلاح والتأهيل وليس من أجل التهديم وجمع السلبيات.
أما عن سؤال مفاده إذا ماكانت مراكز حماية الأسرة التابعة الى الشرطة المجتمعية قد أدت الدور المطلوب منها في تمكين النساء من الوصول الى حقوقهن ؟ ضربت أدور مركزين مثالاً ، هما مركز حماية الأسرة في كركوك الكائن في مبنى حاله يرثى لها ولاتوجد موظفات مما لايشجع على وصول النساء اليه ، ومركز حماية الأسرة في البصرة الكائن أيضا في مبنى مكتظ ويصعب وصول النساء اليه .
وعن إشارة الى موضوع الزواج خارج المحكمة مما يسبب مشاكل للنساء لاسيما الشابات ، وسؤال عما إذا كان ممكنا تبني منظمات المجتمع المدني بث التوعية بهذا الشأن عبر وسائل الإعلام ، قالت أدور إن الزواج خارج المحكمة مصيبة والزواج المبكر مصيبة كبرى ، وإن قانون الأحوال الشخصية رقم 188 وتعديلاته يعاقب كل من يعقد خارج المحكمة ، لأن العقد القانوني توثيق للزواج وضمان لحقوق الأسرة ، واستنكرت أدور تزويج العازبات والأرامل والمطلقات بصيغ غير قانونية تنتهك كرامتهن وحقوقهن ، مؤكدة على أن المهم هو توفير مصدر عمل لهن أولاً ومن ثم هن يتخذن قرار الزواج بأنفسهن وليس فرضا عليهن ، ومشيرة الى أهمية التوعية عبر الإعلام .
واختتمت أدور إجاباتها على الأسئلة بالقول إن جمعية الامل تعمل من أجل شراكة حقيقية وحياة أسرية قائمة على المحبة .
عدسة : علي الربيعي