اخبار ومقالات

العراق وكردستان العراق: الاستهداف الممنهج للمدافعين عن حقوق الإنسان

باريس جنيف بغداد بيروت أربيل، 26 مايو/أيار2021 – في إطار التظاهرات المستمرة ضد الفساد والبطالة والمطالبة بالإصلاح السياسي في العراق، تم استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين السلميين والمدونين والصحفيين المستقلين بموجة من التهديدات، والخطف، والاعتقالات التعسفية، والقتل. يعرب كل من مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، وهو برنامج مشترك بين الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومركز الخليج لحقوق الإنسان، والمرصد العراقي لحقوق الإنسان، ومركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين، وجمعية الأمل العراقية، والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي (أنسم)، عن قلقهم البالغ تجاه هذه الأحداث ويدعون السلطات العراقية إلى وضع حد لجميع المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الإنسان والصحفيون والمتظاهرون السلميون وإلى محاسبة الجناة.

اندلعت التظاهرات السلمية في أنحاء العراق في أكتوبر/تشرين الأول 2019 للاحتجاج على انتشار البطالة وسوء الخدمات العامة وتفشي الفساد. ورداً على تلك التظاهرات، شُنت موجة من الهجمات وعمليات القتل والمضايقات والتهديدات من قبل جهات مسلحة مجهولة استهدفت المدافعين عن حقوق الإنسان. قوبل المتظاهرون السلميون بالاستخدام المفرط للقوة على أيدي قوات الشرطة وبالاعتقالات التعسفية. وعلى الرغم من تعهدات الحكومة الحالية، التي تشكلت منذ عام، بوضع حد لهذه الانتهاكات ضد حقوق الإنسان، إلا أن الوضع لم يتحسن، فما زالت التظاهرات مستمرة ولم يتوقف العنف ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والمتظاهرين، بالإضافة إلى تفشي الإفلات من العقاب. وفقاً لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق، فقد قُتل ما لا يقل عن487 شخصاً وأصيب 7715 آخرون في الفترة من أكتوبر/تشرين الأول 2019 إلى أبريل/نيسان 2020 في سياق الاحتجاجات. تقدر منظمات حقوقية محلية أن العدد الإجمالي للمتظاهرين الذين قتلوا حتى أكتوبر/تشرين الأول 2020 يقرب من 600 شخصاً، بينما أصيب 30 ألف آخرين. لم تشهد الأعداد تحسناً خلال العام الماضي.

القتل والهجمات المسلحة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان

بتاريخ 08 مايو/أيار 2021، اغتيل إيهاب جواد الوزني، رئيس تنسيقية كربلاء للحراك المدني، أمام منزله في مدينة كربلاء على يد مسلح مجهول يستقل دراجة نارية. في 08 ديسمبر/كانون الأول 2019 قُتل زميله فاهم الطائي، الذي قام بتنسيق الأنشطة السلمية للحركة، بما في ذلك عبر شبكات التواصل الاجتماعي، في ظروف مماثلة. كما قُتل حسن عاشور، وهو ناشط بارز في المجتمع المدني، أمام منزله بمحافظة ذي قار في 15 أبريل/نيسان 2021، بعد أن تلقى تهديدات من قبل جماعات مسلحة. تم تداول أنباءٍ أنه في نفس اليوم أصيب تسعة متظاهرين سلميين وقتل متظاهر سلمي آخر على يد قوات الأمن، وهو محمد ستار، حيث قام أحد أفراد قوات الأمن بدهسه بسيارة بضاحية جنوب بغداد.

وسواء تم اغتيال الضحايا في منازلهم أو أثناء الاحتجاجات، فإن السلطات فشلت باستمرار في الكشف عن هوية مرتكبي تلك الاغتيالات أو توجيه الاتهام إليهم.

الاختطاف والاحتجاز التعسفي والمضايقات القضائية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان

يتعرض المدافعون عن حقوق الإنسان للاختطاف والاحتجاز التعسفي والمضايقات القضائية بشكل روتيني. أصدرت محكمة جنايات محافظة بابل في 25 أبريل/نيسان 2021 حكماً بالسجن سنتين على المحامي الحقوقي حسان محرج الطوفان بتهم ملفقة تتضمن، “إهانة الدولة والمحاكم”، انتقاما من دوره في محاربة الفساد ودعمه للاحتجاجات.

كما اعتقلت قوات الأمن في 06 أبريل/نيسان 2021 ناشط المجتمع المدني حسين داخل، لإشارته إلى شجاعة وبسالة المتظاهرين في محافظة ذي قار من خلال رفعه لصورة في شوارع مدينة كربلاء. على الرغم من أنه لا يزال محتجزاً، إلا أن مديرية شرطة محافظة كربلاء نشرت بياناً على صفحتها في الفيسبوك في 07 أبريل/نيسان 2021 نفت فيه اعتقاله.

بتاريخ 01 أبريل/نيسان 2021، اختطف ناشط المجتمع المدني حيدر خشان، الذي تعرض لتهديدات بالقتل من قبل مجهولين، من أمام منزله في مدينة السماوة. ومع ذلك، أطلق سراحه بعد ساعات قليلة.

وجدير بالذكر أنه في 16 أبريل/نيسان 2021، تم اختطاف اثنين من المتظاهرين السلميين في موقع التفجير الذي وقع في منطقة الحبيبية، حيث كانا ينويان التنديد بعمل إرهابي استهدف مدنيين في شرق بغداد. بتاريخ 27 أبريل/نيسان 2021، اعتقلت قوات الأمن متظاهر آخر، وهو حسن علي المنصوري، بشكل تعسفي في محافظة النجف، وأطلق سراحه بعد ليلة من الاحتجاجات. علاوة على ذلك، تعرض المتظاهر السلمي بشير عباس للتعذيب على أيدي ضباط شرطة البصرة أثناء احتجازه لانتزاع اعترافات وحُكم عليه لاحقاً بالسجن 10 سنوات وشهرين في 31 مارس/آذار 2021.

الاعتداءات والمضايقات والتهديدات ضد الصحفيين والمدونين

تعرض المدونون والصحفيون، بمن فيهم حسين تقريبان، للتهديدات على مواقع التواصل الاجتماعي. كما تم استهداف أقاربهم. إن هذه التهديدات قد يأتي بعدها المزيد من الهجمات في بعض الأحيان.بتاريخ 2 مايو/أيار 2021، اختطف الصحفي والشاعر وناشط المجتمع المدني عباس الرفيعي على أيدي أحد أفراد القوات المسلحة في كربلاء لنقله أخبار عن الاحتجاجات السلمية، وأطلق سراحه لاحقاً.

بالإضافة إلى ذلك، رفضت محكمة التمييز في إقليم كردستان العراق بتاريخ 28 نيسان / أبريل 2021 الاستئناف المقدم ضد الحكم الصادر من محكمة الجنايات الثانية في أربيل، الذي يتضمن أحكاماً بالسجن ست سنوات بحق خمسة أشخاص وهم: الصحفي وناشط المجتمع المدني أياز كرم برجي من دهوك، المعلم وناشط المجتمع المدني هاريوان عيسى محمد من سميل، والصحفي كوهدار محمد أمين زيباري من عقرة، والصحفي الحر وناشط المجتمع المدني شيروان أمين شيرواني من أربيل، وكذلك الناشط السياسي ملا شفان سعيد عمر برشكي (دوسكي) من دهوك.

يعرب المرصد ومركز الخليج لحقوق الإنسان والمرصد العراقي لحقوق الإنسان ومركز ميترو وجمعية الأمل العراقية والشبكة العراقية للإعلام المجتمعي عن قلقهم البالغ تجاه الاعتداءات وإسكات المدافعين عن حقوق الإنسان وما يترتب على ذلك من قيود على حقهم في الحياة والأمن وحرية التعبير وتكوين الجمعيات في العراق. تدعو المنظمات الموقعة السلطات في العراق وفي إقليم كردستان العراق إلى ضمان أن يكون جميع المدافعين عن حقوق الإنسان قادرين على القيام بأنشطتهم المشروعة في مجال حقوق الإنسان دون خوف من الانتقام وبلا قيود تذكر، بما في ذلك المضايقات القضائية. كما يطالبون السلطات العراقية بمحاسبة المسؤولين عن الهجمات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، بما فيها التهديدات والقتل، ووضع حد للإفلات من العقاب المقترن بتلك الأفعال.

كما يطالبون في الوقت نفسه مجلس حقوق الإنسان بعقد جلسة خاصة للتصدي للانتهاكات الجسيمة لحرية التعبير والتجمع السلمي التي تشهدها العراق، حيث تم شن حملات تخويف وانتقام ضد المتظاهرين السلميين ونشطاء حقوق الإنسان والصحفيين، التي من المرجح أن تؤثر سلباً على حرية ونزاهة الانتخابات المقبلة في أكتوبر/تشرين الأول من هذا العام.

تم إنشاء مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في عام 1997 من قبل المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان. ويهدف هذا البرنامج إلى العمل على تجنب أو معالجة حالات قمع محددة تطال المدافعين عن حقوق الإنسان. إن المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان كلاهما عضوان في ProtectDefenders.eu، وهي آلية لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان تابعة للاتحاد الأوروبي تقودها منظمات المجتمع المدني الدولي.

مركزالخليج لحقوق الإنسان هو منظمة مستقلة غير ربحية وغير حكومية تقدم الدعم والحماية للمدافعين عن حقوق الإنسان، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر حرية التعبير وحرية الصحافة وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي. يقع مقر مركز الخليج لحقوق الإنسان في لبنان ويوثق بيئة المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج والدول المجاورة، وتحديداً في البحرين والكويت وإيران والعراق والأردن وعمان وقطر والمملكة العربية السعودية وسوريا والإمارات العربية المتحدة واليمن. تأسس المركز في عام 2011. تتمثل رؤية مركز الخليج لحقوق الإنسان في خلق مساحات مدنية ناشطة في منطقة الخليج والدول المجاورة تتمتع فيها حقوق الإنسان بالاحترام الكامل، ويمكن من خلالها للمدافعين عن حقوق الإنسان ومن ضمنهم الصحفيين والمدونين ونشطاء الإنترنت، العمل بحرية دون أي قمعٍ أو خوف.

تأسس المرصد العراقي لحقوق الإنسان عام 2013 من قبل مجموعة من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان من أجل ممارسة الضغط على السلطات العراقية للالتزام بالقوانين الوطنية والاتفاقيات الدولية التي تحافظ على كرامة الإنسان بغض النظر عن العرق، أو اللون أو الشكل أو الدين أو الطائفة أو الجنسية. لدى المرصد العراقي لحقوق الإنسان شبكة من المتطوعين والموارد المحلية في جميع محافظات العراق. ويعمل هؤلاء المتطوعون والموارد على رصد وتوثيق الانتهاكات سواء التي ارتكبتها جهات رسمية أو جهات وجماعات أخرى. على مدى السنوات الست الماضية، توسعت هذه الشبكة التابعة للمرصد العراقي لحقوق الإنسان تشمل ما يصل إلى 70 مراقباً متطوعاً، ساعدوا في إصدار تقارير سنوية وتقارير دورية وثقت جميع الأحداث في الدولة على مدار 72 شهراً.

تأسس مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحفيين في آب 2009 بجهود مجموعة من الصحفيين والمدافعين عن حقوق الانسان، وبالتعاون مع معهد صحافة الحرب والسلام، بهدف مراقبة حرية الصحافة والصحفيين والدفاع عنهم وحمايتهم في اقليم كردستان العراق. تأسس المركز بموجب قانون المنظمات غير الحكومية في اقليم كردستان المرقم (1) لسنة 2011، وتم تسجيله، وحصوله على الاجازة القانونية من حكومة إقليم كردستان العراق. مركز ميترو يراقب تنفيذ قانوني العمل الصحافي رقم 35 لسنة 2008 وقانون رقم 11 لسنة 2013 قانون حق الحصول على المعلومات في اقليم كوردستان العراق، كما يراقب سلوك الحكومة أتجاه القواعد الدولية لحماية حق حرية التعبير والحريات الصحفية، ويعمل مع الحكومة والمنظمات الشريكة من أجل الترويج لتلك الحقوق. للمركز ممثليات في مختلف مدن الإقليم وبغداد و بعض العواصم الاوروبية، وشراكات مع منظمات دولية و عراقية.

تأسست جمعية الأمل العراقية عام 1992 كمنظمة غير حزبية وغير ربحية تحت شعار “من أجل خير الإنسان”. تتمتع بمرتبة استشارية خاصة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي. تهدف الجمعية إلى إعادة تأهيل الناس والتأثير على الوعي الاجتماعي نحو إنشاء دولة ديمقراطية تقوم على ضمان حقوق الإنسان وسيادة القانون. من خلال برنامجها لمركز النماء لحقوق الإنسان، تعمل الجمعية في جميع أنحاء العراق على رصد انتهاكات حقوق الإنسان وتطوير مهارات المدافعين عن حقوق الإنسان في حملات المناصرة والتواصل لتحسين حالة حقوق الإنسان في العراق.

تأسست الشبكة العراقية لوسائل للإعلام المجتمعية (أنسم) في عام 2011 كمنظمة غير حكومية من قبل المدونين الذين يواصلون العمل على الدفاع عن حرية التعبير على الإنترنت وحقوق الناس في العراق. كما تشارك أنسم بشكل كبير في جهود بناء القدرات لتزويد المدافعين عن حقوق الإنسان بمن فيهم نشطاء الإنترنت بالمعرفة والأدوات التي تمكنهم أثناء قيامهم بعملهم المشروع والسلمي في مجال حقوق الإنسان.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى