تقارير ودراسات

ملثمون في النجف وقدسية الدم

تقرير صادر عن مركز النماء لحقوق الانسان (احد مشاريع جمعية الامل العراقية)

مقدمة :

مجسرات ثورة العشرين وساحة الصدرين هو المكان الذي اعتاد النجفيون ان يقيموا مظاهراتهم واعتصاماتهم السلمية  فيها.  تميزت تظاهرات المحافظة بسلميتها لمدة 35 يوم من دون حدوث اي خرق امني يذكر. ان عدم استجابة الحكومة لمطالب المتظاهرين ادت الى التصعيد بقطع جزئي لبعض الطرق.

 بعد حادثة  حرق القنصلية الايرانية تصاعدت اعمال العنف بشكل كبير نتج عنها وفيات مروعة ومئات من الجرحى، جعلت النجف واحدة من اكثر المحافظات التي تعرضت للقمع والقوة المفرطة، ويوثق التقرير هذه الاحداث للفترة من 28 تشرين الثاني- 1 كانون الاول 2019.

القوة المميتة والعنف المفرط:

(27) قتيلاً وما يقارب (400) جريحاً هي  حصيلة احداث العنف المروعة التي وقعت في النجف الاشرف للأيام (28 نوفمبر/ تشرين الثاني- 1 ديسمبر كانون الاول 2019 )[1].

راصدو مركز النماء لحقوق الانسان ومجموعة من شهود عيان وثقوا استخدام القوة المميتة عمداً من قبل مجاميع مسلحة، ذكرها محافظ النجف بالأسم (سرايا عاشوراء)قامت باطلاق (الرصاص الحي/ المطاطي، اسلحة الصجم[2]) لغرض تفريق المتظاهرين من ساحة ثورة العشرين وأبعادهم عن مرقد السيد الحكيم[3].

وقد أفاد احد شهود العيان لمركزنا عن تعرض ما لا يقل عن ثلاث حالات طعن بالسكاكين بأماكن وبأحجام مختلفة (من 10 -30 سم)، فيما أكد احد المسعفين المتواجدين في المكان لراصدينا على أسعافه لاكثر من 25 متظاهراَ أصيبوا بالرصاص في مناطق مختلفة من الجسد كالصدر والرقبة والكتف والساقين.

وفي تصريح لنقيب اطباء النجف نقلاً عن مراسل قناة العراقية، وصل عدد حالات الاختناق الى اكثر من (600) حالة مما يؤكد ذلك كثافة استخدام الغاز المسيل للدموع [4].

كثافة اطلاق الرصاص الحي بعشوائية بتاريخ 1 ديسمبر /كانون الاول 2019 من قبل المسلحين المتواجدين في مرقد السيد الحكيم ومحيطه أدت الى وفاة الطفلة (ايات علي السعيدي) برصاصة اصابتها في كتفها استقرت في القلب عند وقوفها امام باب منزلها في حي المرحلين، وأصابة متظاهر اخر في ساحة ثورة العشرين بجروح بليغة في منطقة البطن توفي على اثرها في اليوم التالي .

تابع راصدو المركز حالات نقل وأسعاف المصابين تتم من قبل سائقي الدراجات النارية (الستوته) لعدم أمكانية وصول عجلات الاسعاف نتيجة كثافة اطلاق الرصاص الحي في موقع التظاهر والتخوف من الاقتراب من موقع الحدث، وأفاد احد شهود العيان عن تعرض احدى عجلات الاسعاف لاطلاقات نارية في منطقة ثورة العشرين.

طالب محافظ النجف لؤي الياسري عبر الوسائل الاعلامية الحكومة الاتحادية بإرسال تعزيزات عسكرية  لغرض حماية المتظاهرين من المجاميع المسلحة، في الوقت الذي تقاعست القوات الامنية المتواجدة مع المتظاهرين وفي محيطهم والمكلفة بحمايتهم، عن ممارسة دورها في الحمايةمنذ بدء قمع المتظاهرين من قبل المسلحين المتواجدين بالمرقد[5].

الترهيب والتخويف

وثق مركزنا حملة ممنهجة لتشويه السمعة وتخوين المتظاهرين والناشطين عبر بعض منصات (التواصل الاجتماعي) التابعة الى احد الاحزاب الحاكمة. 

بتاريخ 1\ كانون الاول افاد شهود عيان بمحاولة اقتحام ساحات الاحتجاج  والتقرب منها من جهة جسر الاسكان مقابل مستشفى الحكيم) من قبل جماعات مسلحة تابعة لمرقد السيد الحكيم  ترتدي الزي العربي التقليدي حاملين معهم اسلحة (نارية خفيفة وسكاكين وهراوات وسيوف)، وقامت بتوجيهها نحو المتظاهرين واطلاق النار عشوائياُ بغية تهديدهم وترويعهم، جرى ذلك أمام أنظار القوات الامنية التي كانت متواجدة في المنطقة، ولم تحرك ساكناً.

كما نشر بعض السياسيين تغريدات تحمل معلومات كاذبة تجاه المتظاهرين، تزعم عن نوايا المتظاهرين بحرق المراقد المقدسة وقتل احد المراجع الدينية في المدينة، وذلك بغية تأليب الرأي العام ضد المتظاهرين.

التعسف في أستخدام القانون

وثق راصدو المركز أن السلطة القضائية قامت بأصدار (6) مذكرات قبض وفق المادة 4/أرهاب بحق المتظاهرين، على الرغم من عدم توافق صفة الارهابي مع الفقرة الاولى من المادة المذكورة أنفاً، واعتقال عدد من المتظاهرين وتوجيه التهم لهم وفق المادة (342) من ق. ع. العراقي التي تصل عقوبتها الى الاعدام والسجن المؤبد.

التوصيات :

  1. التزام الحكومة بتعهداتها الدولية تجاه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والالتزام بالمادة 38 من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 التي تتيح حرية التعبير عن الرأي والتجمع السلمي .
  2. وقف استخدام القوة المفرطة والمميتة ضد المتظاهرين من قبل الأجهزة الأمنية، وتحميل هذه الأجهزة مسؤولية حماية المتظاهرين.
  3. ايقاف الملاحقات القانونية ضد المتظاهرين والافراج عن جميع المعتقلين منهم، والكشف عن مصير المفقودين منهم.
  4. اجراء تحقيقات مستقلة ونزيهة وشاملة وفورية في حوادث قتل المتظاهرين، وضرورة اشراك المجتمع المدني في عملية التحقيق، مع ضمان شفافية واستقلالية نتائج التحقيق .
  5. محاسبة المسؤولين عن حوادث القتل والاعتداء على المتظاهرين، من الأجهزة الأمنية أو من الجماعات المسلحة وتقديمهم الى العدالة.
  • تشجيع المتضررين من المتظاهرين وأهاليهم الى تسجيل الشكاوى وإقامة الدعاوى لدى السلطات القضائية المختصة والمفوضية العليا لحقوق الانسان.
  • انصاف عوائل الشهداء وتأمين علاج الجرحى من المتظاهرين، والغاء شمول المتظاهرين بقانون مكافحة الارهاب وجميع الاجراءات التعسفية ضد الموظفين والطلبة المشاركين في التظاهرات.
  • التعاون مع منظمات المجتمع المدني وفرق الرصد للضغط على الحكومة العراقية للوصول إلى المعلومة.

لتحميل التقرير بصيغة PDF اضغط هنا


[1] أحصائية لدائرة الصحة في النجف الاشرف

[2] كرات حديدة صغيرة تستخدم لصيد الطيور

[3] https://www.youtube.com/watch?v=3qp8LYDHork

[4] مراسل قناة العراقية في النجف الاشرف ايمن الشريفي

[5] https://www.youtube.com/watch?v=kwh4FD-lQ2A&feature=share

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى