الدكتور خالد حنتوش يروي (قصة المخدرات في جنوب العراق)
في ندوة اقامها منتدى الأمل الثقافي:
الدكتور خالد حنتوش يروي (قصة المخدرات في جنوب العراق)
ضمن سلسلة ندواته الحوارية، أقام منتدى الأمل الثقافي في يوم الأربعاء المصادف الحادي عشر من شهر تشرين الأول الجاري، ندوة حوارية بعنوان (قصة المخدرات في جنوب العراق) استضاف فيها الدكتور خالد حنتوش الباحث المتخصص في علم الاجتماع ورئيس قسم علم الاجتماع في كلية الآداب في جامعة بغداد، وجرى في الندوة التي ادارتها الاعلامية عدوية الهلالي مناقشة ظاهرة المخدرات التي تهدد مستقبل الشباب العراقي بهدف ايجاد حلول تسهم في الحد من انتشار هذه الآفة التي باتت تنخر في جسد المجتمع العراقي.
وعرض الباحث حنتوش نتائج المشروع البحثي الميداني عن المخدرات الذي شارك فيه في جنوب العراق وبالتحديد في محافظات ميسان، ذي قار، والبصرة )، والتابع للجنة مكافحة المخدرات في رئاسة الوزراء، ليكشف( عن وقائع خطيرة بضمنها حجم انتشار الادمان والأسباب التي أدت الى هذا الانتشار، فضلاً عن اكتشاف الخلل في المنظومة الادارية – الأمنية التي تقف خلف العديد من المشكلات الاجتماعية ومنها المخدرات، مشيرا الى أهم انواعها ومناطق انتشارها ومنها مادة ( الكريستال ) التي تعد الأكثر انتشاراً في المحافظات الثلاث الجنوبية التي يرتبط تعاطيها بعدد كبير من أعمال العنف كجرائم السرقة والسطو المسلح والاختطاف ..
ولخص الدكتور حنتوش أسباب انتشار المخدرات بالتساهل القانوني بعد عام 2003، اذ تغيرت العقوبة الرادعة بالاعدام والسجن المؤبد الى العلاج الصحي والنفسي في المصحات بالنسبة لمتعاطي المخدرات، والسجن من (5- 15) سنة بالنسبة لمروجيها، مشيراً الى تهرب كبار التجار من العقوبة بسبب الفساد في الأجهزة الامنية والتهديدات العشائرية، وضعف المعلومات الاستخباراتية المتعلقة بتجارة المواد المخدرة، فضلاً عن وجود أسباب أخرى كتقليص صلاحيات منتسبي مكافحة المخدرات، وقلة الكادر الأمني المتخصص والدوريات والسيطرات على حدود المدن، مع قلة الكلاب البوليسية وأبراج مراقبة الحدود الدولية اذ يستغل تجار المخدرات النقاط الهشة للحدود المفتوحة ولاسيما مع ايران لتهريب بضاعتهم، مع البطء في حسم قضايا المخدرات في جميع المحافظات، وعدم توفر أجهزة لفحص المتعاطين وضرورة ارسال عينات الدم الى بغداد مايؤثر على سير القضية من ناحية تأخير حسمها واحتمالية التلاعب في نتائج الفحوصات ..
وتشكل شريحة الشباب الغالبية العظمى من المتعاطين للمخدرات – حسب الباحث – وينتمي أغلبهم الى أسر فقيرة، وبينهم العديد من منخفضي التعليم ممن يمارسون أعمالاً حرة او يعانون من البطالة ولايملكون منازلا خاصة بهم. كما أظهرت نتائج الحوار معهم ان العديد منهم يعاني شعوراً بالضياع والخوف من المستقبل ويهربون بالمخدرات من واقعهم المزري.
ومن الملاحظ عدم وجود أي مركز صحي متخصّص في محافظتي ميسان وذي قار لمعالجة المتعاطين. أما في البصرة ففي مستشفاها المركزي هناك ردهة واحده ذات (22) سريراً، بدت غير فاعلة أو كافية لعلاج المدمنين.وفي الوقت نفسه فإن المحافظات الثلاث تشهد انعداماً شبه كلي للمختصين الفاعلين في علاج هذه الحالات (في العمارة متخصص واحد فقط وفي البصرة لا يتجاوزون 10 أشخاص) مايعني عدم امكانية استيعاب جميع حالات الادمان لغرض الخضوع للعلاج الطبي والنفسي. وبذلك فإن هناك حاجة حقيقية للتدخل لحل مشكلة المخدرات.
وفي نهاية الندوة، طالب الدكتور حنتوش بضرورة التدخل السريع لحل مشكلة المخدرات عبر اشتراك عدة جهات أهمها الحكومة الاتحادية والحكومات المحلية والأجهزة الأمنية والقضائية والدينية والاعلامية ومنظمات المجتمع المدني والعشائر والمجتمعات المحلية، والمختصين في علم الاجتماع وعلم النفس والتربية والتنمية وغيرها من التخصصات.
ثم دار نقاش مهم شارك فيه ضيوف الندوة بعرض آرائهم وتقديم اقتراحاتهم للحد من ظاهرة المخدرات في محاولة لوضع حلول جذرية لها، بهدف انتشال الشباب العراقي من الوقوع ضحية لهذه الظاهرة وتقديم فرص حياة جديدة لهم.