اخبار ومقالات

كوجو من قرية منسية إلى رمز عالمي لتحدي الطغيان

كوجو من قرية منسية إلى رمز عالمي لتحدي الطغيانخضر دوملي

بدون شك ان الذي جرى في قرية كوجو في الخامس عشر من آب 2014 لا يزال غير معروف للكثيرين، ولا يزال آلاف العراقيين بمختلف مكوناتهم يجهلون الجرائم التي ارتكبت بحق أهل تلك القرية الايزيدية الهادئة كما بقية أهالي شنكال – سنجار.

كوجو من قرية لا يعرفها حتى أغلب أهالي المناطق في كوردستان تحولت إلى رمز عالمي ودليل صارخ على وحشية وعدوانية تنظيم داعش الارهابي، الذي ارتكب أبشع الجرائم هناك، من خطف، قتل، سبي، الاجبار على اعتناق الدين الاسلامي، ثم جرائم اغتصاب فتيات صغيرات السن وبيع الحرائر الإيزيديات في قرن الدفاع عن حقوق الانسان وتنمية القيم الانسانية.

كم نكتب عن كوجو لا يخفف آلام واحدة من الأمهات اللاتي فقدن ما لديهن من أطفال، أمام مرأى طائرات  التحالف الدولي بقيادة امريكا. أمهات أما قتلوا زوجها أو أبناءها الكبار أو أباها أو أشقاءها. لكل أمرأة، ولكل عائلة قصة لا تشبه الأخرى سوى انها مليئة بالحزن والسواد. فصبيحة الخامس عشر من آب كان مشؤوما لا يمكن نسيانه، بما حمله ذلك النهار القائظ المليء بالموت والحسرة، هذا كان حال الجميع في كوجو. جرائم القتل الجماعي المنظم التي صُورت ونُشرت على نطاق واسع، في وقت كانت طائرات التحالف الدولي تحلق عاليا هناك، وفقا لشهادات الناجين من المقابر الجماعية أو الناجيات من قبضة التنظيم، وقد يبدو أنها كانت تسجل تلك الجرائم بالصورة والصوت البربرية والوحشية التي لجأ اليها الارهابيون في التعامل مع أهالي قرية كوجو، الذين حوصروا ولم يستطيعوا النجاة بسبب بعدهم عن جبل سنجار، الذي أصبح رمز الشهامة لتحدي داعش.

كوجو القرية التي تعرضت لحصار غاشم ومن ثم جرائم القتل الجماعي، لقنتْ درسا لمراكز القرار العالمي، وللدعاة الذين ينفون ان التطرف فقط سمة للتنظيمات الارهابية، بل اثبتت جرائم داعش ضد الإيزيدية، ومجازر القتل الجماعي في كوجو ان الأمر ليس كذلك، اذ اقترفت تلك الجرائم من قبل جيران الإيزيدية، الذين لسنوات طوال كانوا يعيشون معهم، وفي غفلة من الزمن تحولوا إلى وحوش بثياب بشرية. تلك الوحشية التي هي نتاج التربية والتلقين وزرع الكراهية في عقولهم، التي لم تكن قد نمت إلا وفقاً لمنهج التطرف العنيف المشبع بالكراهية.

احياء ذكرى مجازر كوجو وعملية الخطف، وما لحقها من عمليات البيع والسبي والاغتصاب التي طالت أهالي قرية كوجو، يجب ان تدّرس في الجامعات وتعمل عليها البحوث والدراسات، حول كيفية تطور الخلايا النائمة في لحظة إلى مجاميع تمارس القتل والاغتصاب. كما يجب أن تدّرس كيف تحدت الإيزيديات ذلك الفكر الارهابي، الذي عبرت عنه الإيزيديات الناجيات، وخاصة نساء كوجو، في تجوالهن في مختلف بلدان العالم متحدثات عن الظلم والارهاب الذي تعرضن له. وناديا مراد التي تحولت من فتاة عاشت أحلك ظروف السبي إلى رمز عالمي من تلك القرية، تنقل ما تعرض له أهلها من جرائم على أيدي رجالات تنظيم داعش الارهابي، فكانت خير مثال على تحدي الإيزيدية للطغيان برسائل سلام، والمطالبة بتطبيق العدالة والقصاص وهو ما ينتظره أهلها من القائمين على تطبيق العدالة في العراق .. كوجو القرية البسيطة المسالمة تحولت إلى رمز عالمي، وهي نقطة فاصلة بين من يحب القتل ويروج له ويمارسه ومن يحب السلام وينشره.

في ظهيرة الخامس عشر من آب 2014 هاجم تنظيم داعش قرية كوجو المحاصرة بدأوا بارتكاب مجازر القتل الجماعي، بعد ان تم فصل رجال القرية عن النساء ونقلهم في مجاميع إلى وديان قريبة منها وقتلهم تحت صيحات الله اكبر، حيث راح المئات ضحية تلك العمليات وفقاً لشهادات ناجين من تلك المجازر. ومن ثم قاموا بخطف أكثر من ألف ومئتي أمرأة وطفل ونقلهم إلى مواقع مختلفة في سوريا والموصل، وجرى توزيع الشابات منهن كهدايا وغنائم حرب على قادة التنظيم، وتمت عمليات البيع المنظم والسبي والاغتصاب للبقية، واجبارهن على اعتناق الدين الاسلامي. ولايزال المئات منهن سبايا في قبضة التنظيم، والناجيات يخبرن قصصاً مروعة لما تعرضن له من جرائم بشعة.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى