اخبار ومقالات

اليوم العالمي للتسامح: 16 تشرين الثاني 2015 كلمة باسم منظمات المجتمع المدني

 اليوم العالمي للتسامح: 16 تشرين الثاني 2015 كلمة باسم منظمات المجتمع المدني

​نظمت الأمم المتحدة يونامي احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للتسامح تحت شعار “تعزيز التنوع ومنع التحريض على العنف” في 16 تشرين الثاني في فندق بابل، حضرها عدد من المسؤولين ومن الناشطين في المجتمع المدني وممثلي الهيئات الدبلوماسية والمنظمات الدولية في العراق.

ألقيت فيها كلمات عديدة منها رئيس مجلس النواب ووزير الثقافة، وممثلي الأمم المتحدة، ورئيسي الوقفين السني والشيعي، وممثل عن المكون المسيحي وعن مجلس حوار الأديان. ألقت كلمة منظمات المجتمع المدني الشابة الناشطة حنين عماد.​

السيدات والسادة

الحضور الكريم اسعدتم صباحا

اود في البدء ان اعرف عن نفسي

محدثتكم حنين عماد … ماجستير فكر سياسي. ناشطة ومتطوعة في مجال حقوق الإنسان

جزيل شكري للقائمين على هذا الحدث لاتاحتهم الفرصة الطيبة لي للحديث في هذا اليوم العالمي للتسامح حيث انني افترض انكم تنشدونه معي وبشدة. فلو تسامح هذا العالم بأطيافه لما بكينا بغداد وحلب ومصر وبيروت وباريس.

وانطلاقا من كوني شابة عراقية اعيش وسط عالم ممتلىء ضغينة وتهميشا انساني وتفريقا لا مبرر، وتمييزاً بكافة اشكاله.

أستطيع القول ان غياب تلك القيم النبيلة جعلت افراد المجتمع يعانون من هيمنة قيم الكراهية ونبذ التسامح وتهميش الآخر وفرض قوالب نمطية على الجميع التأقلم بها طواعية او بالإكراه وهذا ما يندرج تحت باب الاساليب الارهابية التي يمارسها المتطرفون حيث لا قيمة للحوار او الحرية وسلب الكرامة الانسانية حقها في الوجود والتعبير عن ذاتها وهيئتها. وهذا جلي في الممارسات الداعشية التي تعم شمال وغرب العراق لاسيما تجاه النساء والأطفال والأقليات الذين بغياب التسامح معهم تم نفيهم من الحياة فأصبحوا اجسادا بلا هوية تُكره وتقتل باسم التسيد الديني وإكراههم على نمط من الحياة لا يشبه الحياة.

لا شك ان هناك جهودا حكومية نحو تعزيز قيم الاخاء والتسامح واذكر هنا مبادرة المصالحة الوطنية التي شرعت بها الحكومة العراقية الا ان تلك الجهود لا يمكن لها ان تقدم حلولا عميقة اذا ما بقيت على مستوى فوقي فالمجتمع لا يتجزأ وعلى اية مصالحة وطنية انسانية ان تتم عبر طبقات المجتمع كافة ولا تنحصر بيد السياسيين وحدهم بل بين افراده المدنيين الذي يشكلون قاعدة المجتمع فضلا عن تعزيز الثقة سياسياً ومجتمعياً لبدء حوار جاد، والاستماع البناء وبث ثقافة التسامح والمصالحة الطيبة بينهم عبر مسارات التعليم والتربية.

فالتنوع هو اغناء للعراق وأبرز ملامحه الجميلة، ودعونا لا نقصي تلك الملامح عنه بل تقبلها وتوظيفها بشكل ايجابي لخلق افاق جديدة في الحلول مما يعزز بناء وتماسك المجتمع وعدم تفككه لاسيما الآن حيث كل شيء رهن التفكك.

كل هذا يحتاج لبيئة مناسبة يكون للحكومة العراقية دوراً في تهيئتها عبر مسارات عديدة ذات مقاصد حقيقية فعالة، كتشريع قوانين تحمي التنوع وهنا اشير الى ضرورة مراجعة الدولة العراقية. لقانون البطاقة الموحدة الذي يشكل تصدع في جدار الحرية العقائدية والشخصية والفكرية التي كفلها الدستور في المادة 42. فضلا عن المادة 37 التي تمنع ان يُكره الفرد دينيا بل وان الدولة تحميه من هذا الاكراه.

ان الجهود نحو السلام لا بد ان يسبقها جهودا لخلق متطلبات هذا السلام. واول تلك المتطلبات هو غرس ثقافة تقبل التنوع في ذهن الافراد وتسامحهم الذي يحتاج صدقا لتنوير في مدلوله حيث انه لا يعني مطلقاً التهاون في الحقوق او الدعوة الى التمسك بالسلبية واللا مبالاة، بل على العكس من ذلك ان تُسامح الاخر يعني أنك قوي كفاية لتقبله وان تشتركون رغم اختلافكم في بناء حاضركم.

ان لغة الحوار البناء الوطني تحتاج الى ان تتسيد اكثر في الخطاب السياسي والشعبي على حد سواء،  ان لا تكون كلمات فقط بل منهاج عمل وطريقة تفكير صادق، ولعل اهم الخطوات نحو ذلك هو اشراك المرأة في تلك الجهود والسعي لانخراطها في تعزيز قضية التسامح فلاشك ان دورها ان تم تفعيله على المستويين الحكومي السياسي وعلى صعيد المدني  سيسهم في تقريب المسافات وخلق ارضية اكثر استقرارا للبدء في حوار ينزع للسلام وهنا نؤكد على ضرورة اشراك المراة ضمن لجنة المصالحة الوطنية التي يتغيب عنها العنصر النسوي وتفعيل خطة الطوارئ لتنفيذ قرار مجلس الأمن 1325 لتطوير دور النساء في الحفاظ على الامن والسلام والإيمان بدورها المهم في مراكز صنع القرار، التي اعلن عنها مجلس الوزراء في ايار الماضي.

فإشراكها في تلك المساعي هو اول خطوة للاعتراف باحترام التنوع. كذلك لا مراء ان اشراك الشباب والذين يشكلون النسبة الاكبر في مجتمعنا حيث انبثقت في السنوات الاخيرة العديد من النشاطات المعبرة عن اهتمام الشباب بارساء قيم السلام العالمي ولذلك نؤكد على احترام دورهم الفعال في تسيير عملية المصالحة المجتمعية والسياسية بجهودهم الشبابية التطوعية واخذ افكارهم المتجددة محل النظر والتطبيق.

في نهاية الحديث لا بد لي ان اشير الى اننا نحتاج وقبل كل شيء في مثل هذا اليوم ان نتذكر ان لابد ان نتسامح ونتصالح أولا مع ذاتنا ونحترمها لنتمكن من التسامح مع الاخر.

وأننا كشعب عراقي على قدر ما يعاني فيه الفرد من ظلم واضطهاد فهو شعب أغلى احلامه هو العيش. ويده ممدودة للسلام من تحت أنقاض الارهاب تحتاج لمن يمسكها ليحملها نحو افاق النور والامان.

علينا ان نذكر المجتمع الدولي والمحلي بأطيافه الدينية والعشائرية والمدنية بنبذ الخطابات الطائفية المتطرفة وإحلال خطاب الانسان والمحبة وجعل اولويات الحوار السلمي هو التسامح وتعضيد ذلك بضمانات قانونية وإنسانية تحمي التنوع العرقي والاثني لنتمكن من مواجهة خطر الارهاب نحن جميعنا موحودون ضد هذا الطاعون الخطر……  دعونا ندعو الى ان يتمكن النازحين والمنفيين الذين كانوا ضحية غياب السلام لأراضيهم وتعويضهم النفسي والمادي وبالتالي نتمكن من بناء حاضر امن يكون لبنة اولى لمستقبل اطفال الغد فسلامتهم. امانة في اعناق ابناء اليوم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى