الدور الحقيقي للمنظمات المحلية في أزمة النازحين في محافظة الأنبار
لأننا كعراقيين حديثي العهد وقليلي الخبرة في مجالات اغاثة اللاجئين، ولأن حكومتنا منهمكة في مشاكل داخلية وخارجية وانقسامات طائفية وحزبية، وجدت محافظة الأنبار نفسها غير قادرة على معالجة مشكلة النزوح التي عصفت بها فجأة. كنا نتوقع ان تكون مؤسساتنا الحكومية المعنية بمعالجة مشاكل النزوح الداخلي لديها البرامج والخطط الجاهزة للتنفيذ على ارض الواقع، لكنا رأينا وزارة الهجرة والمهجرين المعنية بشؤون النازحين مع بدء الأزمة حائرة وغير قادرة على اتخاذ خطوات بناءة لمعالجة الخلل، بل أكثر من ذلك انها بدأت للتو تفكر في حلول وتبحث عن تمويل لحل المشكلة. وإذا بالمشكلة تتفاقم أكثر وأكثر. وعندما نظرنا إلى الأطراف الدولية فوجئنا باستجابات خجولة لا تعبر عن عمق الاهتمام بمشاكل نازحينا في الأنبار، وكأن أزمة لاجئي سوريا وضعت ستاراً بينها وبين بقية الأزمات.
لذلك كان لبعض منظمات المجتمع المدني في محافظة الأنبار الاعتماد على قدراتها المتواضعة لمواجهة أكبر مشاكل النزوح الداخلي التي يشهدها العراق عامة والأنبار خاصة. منذ اليوم الأول تحركت منظماتنا في هيت وكبيسة والقائم والرمادي بالعمل من خلال النزول إلى أرض الواقع وتلبية كافة الاحتياجات الأولية للنازحين، التي شملت تهيئة البنايات الحكومية المتروكة وبعض المدارس والبيوت لإيواء الوجبات الأولى من قوافل النازحين في كل من هيت وكبيسة والقائم وعنه والرمادي، ومن ثم تزويدهم بالسلات الغذائية والأغطية والفرش وغيرها من المستلزمات الأولية، كانت منظماتنا في بادئ الامر تعمل بأريحية وسهولة، لكون الأعداد قليلة وممكن الاستجابة لها. وكانت المنظمات تعتقد ان المشكلة مؤقتة، ومن الممكن ان يعود النازحون إلى ديارهم خلال أيام، ولذلك كانت معظم الحلول حلولاً مؤقتة ليست طويلة الأمد.
بعد مرور أكثر من شهر بدأت المعاناة الحقيقية لكلا الأطراف، فقد ازدادت الأحوال سوءً للنازحين وبدأت المشكلة تتفاقم، ووجدت المنظمات المحلية نفسها وحيدة تقريباً، تتشبث بالميسورين والمتطوعين وغيرهم من رجال الأعمال لسد النقص الكبير في المواد الغذائية والمستلزمات الأولية، لكن المشكلة الأكبر تمثلت بإيجاد مساكن للنازحين، حيث انه لم يعد هناك مكان لإيوائهم، بعد ان امتلأت البيوت والبنايات الفارغة والهياكل وبعض المدارس بالنازحين. الأعداد تزداد يوماً بعد يوم، ولم يعد هناك أمكنة لسكنهم. كنا نتأمل من الجهات المعنية ان تشيد المخيمات لإيوائهم، وبعد ان فاتحناهم مرات ومرات كنا في كل مرة نحصل على وعود منهم بأن المخيمات ستكون جاهزة خلال فترة، لكنهم يفاجئوننا بين فترة وفترة بأن فكرة المخيمات لا يمكن اتخاذها، لأن المشكلة مؤقتة وسوف تحل بالقريب العاجل. لكن الذي عرفناه فيما بعد ان الحكومة ترفض فكرة المخيمات لأنها لا تريد أن توحي للعالم بأن المشكلة كبيرة، وبالتالي تبعد فكرة تدويل قضية النازحين.
واليوم بعد ان اتسعت وتضخمت المعاناة، وظهرت علامات أزمة كبيرة تشابه كثيراً أزمات الدول المجاورة، بدأنا نرصد الكثير من الأزمات المصاحبة لأزمات النزوح والتهجير، اهمها :
1- ازدياد المخاوف من تفشي الأمراض المعدية بين النازحين الساكنين في حقول الدواجن والأبنية التي تشترك فيها مجموعة من العائلات بالمأكل والملبس والمشرب.
2- وبدأت مشاكل التسول والتشرد تزداد، حيث اصبحت مهنة التسول شائعة بكثرة، فإننا نجد المتسولين من الأطفال والنساء وكبار السن في كل مكان.
3- وبدأت ايضا مشكلة البطالة تتسع أكثر وأكثر، لأن معظم النازحين أصبحوا بدون عمل كون مناطقهم الجديدة لا تستطيع أن توفر لهم فرص العمل التي كانوا يشغلوها في مدنهم قبل النزوح.
4- ضياع فرصة التعليم من معظم تلامذة الابتدائية وطلبة المتوسطة والأعدادية.
5- ازدياد حالات السرقة والجريمة والانتقام من المجتمع، محملين المجتمع كافة تبعات الحروب.
السؤال الكبير الذي يواجهنا كيف يتسنى لنا كمنظمات محلية مواجهة هذا الكم الهائل من الأزمات التي بدأت تعصف بمجتمعاتنا في محافظة الأنبار؟ انه التحدي الكبير الذي يواجهنا ويواجه مجتمعاتنا. الحلول قد تكون موجودة لكنها صعبة، وتحتاج إلى دعم دولي وخطوات حقيقية تتخذ من قبل الجميع، أهمها:
1- اعداد الدراسات والتقارير ومناقشتها على أعلى المستويات وتنفيذ المناسب منها.
2- عقد المؤتمرات الدولية والمحلية التي تبين خطورة أزمة نازحي الأنبار.
3- دعوة وتشجيع المنظمات الدولية إلى الاهتمام بأزمة الأنبار.
4- دعوة الحكومة العراقية إلى اتخاذ خطوات فعلية لمعالجة أزمة النازحين المتشعبة.
5- دعوة الحكومة العراقية إلى تسوية خلافاتها سلمياً مع كافة الأطراف في محافظة الأنبار من أجل وضع حد لتوالد الأزمات.
الأعداد الحقيقية للعائلات النازحة من مدن الفلوجة والرمادي والكرمة والقرى والبلدات المجاورة لها إلى مناطق غرب مدينة الرمادي وهيت وكبيسة والبغدادي والفرات والقائم وعنه وراوة وحديثة والرطبة وبلدة العواصد والسليكية وابو طيبان والجبهة التي يتواجد فيها دور كبير للمنظمات المحلية:
مدينة هيت: 8200 عائلة موزعين على الأبنية الفارغة والهياكل ومخيم مكون من خمسين خيمة ومع الأقارب والعائلات.
مدينة كبيسة: 1700 عائلة موزعين على المدارس والحقول والهياكل ومع الأقارب والعائلات المستضيفة والمحلات الفارغة.
أطراف مدينة الرمادي: 10000 عائلة تسكن شقق قيد الانشاء وكرافانات وبيوت قيد الانشاء ومجمعات.
مدينة البغدادي: 1000 عائلة موزعة على البيوت المؤجرة والعائلات المستضيفة والمحلات الفارغة.
مدينة زوية: 650 موزعة على البيوت والعائلات المستضيفة.
مدينة القائم: 1200 عائلة موزعين على البيوت والعائلات المستضيفة.
مدينة عنه: 900 موزعين بين العائلات المستضيفة والبيوت المستأجرة.
مدينة راوة: 700 في البيوت المستأجرة والعائلات المستضيفة.
مدينة حديثة: 1000 في البيوت المستأجرة والعائلات المستضيفة.
مدينة الرطبة: 1700 في الهياكل والبيوت المستأجرة والعائلات المستضيفة.
بلدة العواصد وسليكية: 85 عائلة يسكنون المدارس والبيوت المستأجرة والعائلات المستضيفة.
ابو طيبان: 600 عائلة يسكنون البيوت المستأجرة ومع العائلات المستضيفة.
الجبهة: 450 عائلة يسكنون البيوت الفارغة والهياكل ومع العوائل المستضيفة.
محمد عايش عبد اللطيف الكبيسي – رئيس جمعية الأحياء العلمية
asa.iraq25@yahoo.com
مناف عبد اللطيف العاني – رئيس منتدى الرياضة والشباب
manaf_alany@yahoo.com